عرض المشاركة وحيدة
  #1  
قديم 29/01/2011, 05:44 AM
صورة عضوية معارج الآمال
معارج الآمال معارج الآمال غير متصل حالياً
عضو مميز
 
تاريخ الانضمام: 29/07/2008
الإقامة: America
الجنس: ذكر
المشاركات: 1,493
افتراضي إخوتي...هل تعلمون أصل الحكاية؟

إخوتي...هل تعلمون أصل الحكاية؟

بالأمس...وفي أصيل الجمعة الساحر الأخاذ, وفي لحظات تعانق فيها الشمس أفق الغروب الآسر,تلك اللحظات التي هي لحظات الجسد الروحانية حين تنساب ينابيع الصفاء والسكينة عذبة نقية وتغدق على القلب سعادة وطمأنينة تشعره بنعمة الله – جل وعلا- فيطرب لها اللسان ويشدو فيها مترنما: الحمد لله....في تلك اللحظات كنت أقف على شاطئ بحر من الأنوار الزاهرة, يفيض منه الضياء وتقذف إلي أمواجه فرائد من درر الحكمة وقلائد من جواهر العلم, فألتقطها بسرعة... وأجمعها بلهفة... لأكون منها ثروة من المبادئ والقيم وأرصدة من العلم و المعرفة لعلي أستطيع أن أشتري بها من سوق الحياة الدنيا تذكرة سفر توصلني إلى الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وفي غمرة تلك السعادة بتلك الأنوار الزاهرة...تذكرتكم إخوتي...نعم تذكرتكم....فقررت أن آتيكم من تلك الأنوار بشهاب قبس لعلكم تصطلون. أتدرون أين كنت؟... أمام أي بحر كنت أقف؟... إنه البحر الفهامة والشيخ العلامة سيدي بدر الدين أحمد بن حمد الخليلي- حفظه الله-.

فصل من الحكاية: هنا
وهذا فصل آخر,,,,
في الفصل السابق تناولت الحرية الشخصية وكيف بدأت في الغرب وكيف انتشرت فيه. وقد تطرقت في نهايته بشي من العموم و السرعة عن كيفية وصول الحرية الزائفة إلينا وكيف تعاملنا معها. وهنا اليوم نواصل السرد بشئ من التفصيل عن بداية وصول تلك الحرية ومن كان وراءها. ولقد أصاب المرأة المسلمة أشد الأذى من شظايا هذه الغارة الشعواء لأنها هي الهدف الرئيس منها كونها أساس المجتمع الفاضل وحصن الفضيلة الشامخ ومدرسة الأخلاق الأولى لينزعوا عنها الحجاب ويسلبوا منها العفاف. لكنني هذه المرة سأكبح جماح قلمي وأترك الميدان لفارس الكلمة ورب والبيان شيخنا الخليلي- يحفظه الله- يصحبنا بأسلوبه الأدبي البديع في رحلة تأريخية فكرية توضح لنا أصل الحكاية...

يقول الشيخ:"...أما المرأة في جميع الأوساط الإسلامية فإنها كانت معززة ومكرمة وهي بنت وأخت وزوجة وأم, وكانت مصونة في جميع أحوالها, حتى جاء شياطين الرجال وأرادوا لها الهوان, وأنزلوها إلى الدرك الهابط فاستغلوها للدعاية. ونحن عندما ننظر إلى الظروف التي أحاطت بهذه الدعوات نرى أنها كانت ظروفا أليمة لز فيها بالمرأة إلى مضايق ما كانت تود دخولها لولا أنها دفعت إليها دفعا, وقد تولى الرجل كبر هذا الأمر, فقد اطلعت أن أول امرأة خرجت عن أطر الأخلاق والعادات التي كانت مفروضة على المرأة المسلمة في المجتمعات الإسلامية, هي الشاعرة عائشة هانم التيمورية، ومن أخرجها؟ إنما أخرجها أبوها، ولعل أحد وراءه دفعه إلى ذلك، وكانت أمها تعارض ذلك لمنافاته ما تربت عليه من الآداب الدينية والعادات الاجتماعية, ولكن أباها الذي كان يجتمع عنده لفيف من الكتاب الذين كانوا مهرة في الكتابة باللغة العربية والفارسية والتركية كان يشجعها على أن تحضر عند هؤلاء الكتاب.
نحن لا نستنكر أن تتعلم المرأة بل ندعوها إلى التعلم, فإن المرأة العالمة خير من المرأة الجاهلة, والأم العالمة هي التي تربي أبناءها على العلم والصلاح والتقوى, ولكن لا يعني ذلك أن تشجع على خلع العذار (الحياء) وانتهاك الحرمات وتجاوز الحدود وتحطيم قيود الفضيلة. وظلت هذه المرأة – أي الشاعرة عائشة هانم التيمورية- هكذا بين تشجيع الأب على ذلك واعتراض الأم عليها, ثم بعد ذلك كانت لها زميلة سلكت مسلكها, وقد خاطبت المرأة المصرية لتجرها إلى سبيلها خطابا عجيبا استغلت فيه بعض الخلاف الحاصل في الأحكام الشرعية استغلالا سيئا من أجل تبرير ما تدعو إليه, وهي الشاعرة ملك حنفي ناصيف. فقد استغلت هذه المرأة الخلاف بين الفقهاء في جواز كشف المرأة عن وجهها من أجل ما تدعو إليه من السفور المتمثل في لبس الثياب غير الساترة.


ثم انتهى الأمر بموت هاتين الرائدتين للنساء في هذا الأمر, فظلت المرأة المسلمة على رفضها الطبيعي من غير أن يقلقها شيء, ولكن ما إن رجعت الأميرة نازلي فاضل التي تربت في فرنسا على نمط الحياة الغربية - وكانت كلمتها الكلمة الأولى عند اللورد كرومر في مصر, حتى كان تأثيرها بالغا في السياسة المصرية- إلا وفتحت لها صالونا تستقبل فيه الرجال, يتداولون فيه الأحاديث. وكان ممن يغشون (يأتون) هذا الصالون قاسم أمين الذي اعترض آنذاك على كاتب ألماني انتقد فيه وضع المرأة المسلمة, فانبرى قاسم أمين يدافع عن كرامة المرأة المسلمة وكرامتها وأنها راضية بحكم الإسلام قانعة به, وليست هي كالنساء المستغربات اللواتي خدعن ببريق الحضارة الغربية. فوشى به واش إلى الأميرة نازلي فاضل بأنه قصدها فيما قال, فصبت عليه جام غضبها وما كان له أن ينقذ نفسه مما تصوره من ورطة وقع فيها إلا أن يؤلف كتابا يدعو فيه إلى تحرير المرأة, فألف كتابه المشهور في ذلك, وكان هذا الكتاب مثار فتنة عظيمة, وتأسف هو بنفسه على تأليفه, وقد قضى نحبه وهو يتقطع حسرة على ما كان منه, وأدلت امرأته بعده بتصريح قالت فيه:" إن هذه الدعوة كانت دعوة هدامة, لولا أن الله وقى الأمة شرها".

ثم هدأت العواصف إلى أن نجم (ظهر على الساحة) سعد زغلول واحتل مكانا مرموقا في السياسة المصرية, فدعا إلى سفور المرأة رافعا شعار تحريرها, وألقى الخطبة أمام الجماهير بحضور زوجته فقام برفع الحجاب عنها أمامهم, ليكون قدوة لغيره في رفعه عن النساء المسلمات, وهنا وقع الخصام بين كثير من النساء المغرورات وبين أسرهن فوقع الخصام بين البنت وأبيها وبين المرأة وزوجها, إذ أخذن يرددن أن زعيم الأمة نزع الحجاب عن أم المصريين وهل نحن أولى بالالتزام بهذا الحجاب, أليست هي أولى أن نقتدي بها لما لها من التقدير والاحترام؟
ولما سمع بهذا الصراع الذي نشب في البيوت والأسر دعا إلى اجتماع آخر, وأحضر فتاة وسيمة شابة لتلقي خطابا أمام الجماهير, وقد كانت في بداية خطابها محجبة, فقام إليها ونزع الحجاب عنها أمامهم, فصفق له الغوغاء( السفهاء والحمقى), واصطلى الناس سعير هذه الفتنة, ولكنه قدم الثمن باهظا, وهكذا شأن كل أحد يدعو إلى ما يخالف أمر الله لا بد له أن يقدم الضريبة باهظة, فقد كانت له قريبة تربت في بيته, وكانت – كما يصفها بعض الكتاب الذين كتبوا قصتها – ملكة جمال, وكان لها أخ تربى أيضا في بيته يسمى ابراهيم, فذهب أخوها إلى فرنسا ليدرس الأدب الفرنسي, بإيعاز (بأمر) من سعد زغلول نفسه, وتزوج قريبته هذه أحد الباشوات المصريين وكان من كبار الأثرياء, فذهب مع عروسه الحسناء إلى باريس لقضاء شهر العسل بها. فماذا كانت النتيجة؟
جاء في يوم من الأيام أخوها إليها ليزورها, وقد نزع منه كل ما في الرجل المسلم أو الرجل الشرقي من صفات الغيرة والشهامة بتأثير الذي ملك لبه بالحياة في بلاد الغرب, جاء ومعه صديق ألماني كان زميلا له في دراسة الأدب الفرنسي, فعرّف بين أخته وصديقه, فطلب الصديق أن يراقص الأخت أمام أخيها, ولأجل أن يثبت هذا الأخ بأنه مدني متحضر شجع على ذلك فراقصها الزائر الألماني. وفي أثناء هذه المراقصة كان يقول لها: يا سيدتي هاتان العينان هما اللتان كنت أبحث عنهما طول حياتي ولم أجدهما إلا في جبينك.
فكانت هذه الكلمات كافية لإشعال نار الغرام في فؤادها.
ثم أتى إليها في اليوم الثاني وقد نظم قصيدتين باللغة الفرنسية, يتغزل في أحدها بوصف محاسنها الفاتنة, والثانية يصف ما يجده في نفسه من لوعة الغرام بها. وكان مما تضمنته قصيدته هذه ما معناه, هل تسمحين يا سيدتي أن أكون خادما في مملكة قلبك الواسعة. فردت عليه: بأنك صاحب الجلالة في هذه المملكة ولست خادما صغيرا. وكانت نتيجة ذلك أنه عندما عاد إليها زوجها الباشا رفضته وقالت له: إنني وجدت صاحبي الذي أبحث عنه فما لي ولك؟ وعاشت في كنف الشاب الألماني, وعاد زوجها إلى مصر خائبا, وعرض مشكلته على سعد زغلول, فكتب إليها سعد زغلول يأمرها بأن تعود سريعا إلى مصر, فما كان منها إلا أن رفضت أمره هذا وقالت: إن سعد زغلول إن كان زعيما فإنه لا يتزعم قلبها, وإنما زعيمه هواه فهي تستلم له. وهكذا كانت نتيجة الانخراط في سلك الفساد والارتماء في أحضان الفحشاء والبعد عن القيم والفضائل.


ونحن نحمد الله على أن عشنا حتى وجدنا المرأة المؤمنة تعود إلى الحق والرشد وتصمد أمام تحديات الزمن, وتسهم في بناء صرح الإسلام من جديد ورفع منارته شاهقة تطل على العالم بأسره, ولكن مع هذا لابد من أن تقدم الثمن مهما كان غلاؤه, فهي لابد من أن تدعو إلى الخير, وأن تصبر وتصابر لأجل أن تنجو من الخسران الذي توعد الله به جنس البشر إلا من آمن وعمل صالحا, وكان من الذين تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر."

تم كلام الشيخ – حفظه الله- منقولا من "كتاب الدين الحياة " الذي جمعه ورتبه الشيخ خميس العدوي. إذن وكما تابعنا هذا هو أصل حكاية الحرية والسفور في بداية وصولها إلى بلاد الإسلام. وبانتهائه يطوى هذا الفصل من الرواية, ولكنها ما زالت مستمرة. وسأتطرق لاحقا – بإذن الله – إلى الفصل التالي من الرواية.

أترك لكم النقاش والتعليق
__________________
(" وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " (الأنبياء، 105))
نحن لا نستسلم...ننتصر.. أونموت
نحن باقون ما بقي الزعتر والزيتون

Our READERS are our LEADERS

شكرا محمد2000